رجوع

 

مَن المنجم ؟

 

ان من احـــدي علامات المنجم الصادق و تميّزه عن مدعي التنجيم هو ان يكون ذلك المنجم من الذين يمكنهم استخراج ضمائر الناس بل و حتي اسمائهم من غير اين ينطقوا بشيء من ذلك. و قد فصل ذلك مؤلف كتاب رسائل اخوان الصفاء في كتابه اذقال: و اعلم يا أخي ان المسائل علي ثلاثة أوجه: فأول ذلك ان تعلم في اي شيء جاءك السائل و ماسائل عنه، و الوجه الثاني: من اين هذه امسأله و أي شيء كان سببها اولا، و الوجه الثالث: ان تعلم هل تُقضي أو لا، و إلي ماذا تصير عاقبتها ([1]). ثم ذكر مثالا لذلك و قد وضح فيه سبب اشتياقه و تعلقه و تعلمه لهذا العلم اذ قــال: كان لنا صديق من فُضَلا الناس و خيارهم من اخواننا و كان يستعين في معيشته بصناعة النجوم فحضرته يوماً و قد جاءه رجل فجلس عنده و قال له: قد جئتك لتخبرني عما في نفسي، فأخذ الطالع و قوَّمه و جوَّد الحساب و أحسن العمل، و صدق العلم، و اصاب الحكم، فقال له: تساُل عن شيء سُرق قال: نعم ما هو؟ فأخبر عن جنسه. فقال: كم هو؟ فأخبرهُ عن كميّته. قال فمن أخذه، و هل الآخذ له ذكر ام اُنثي، حُرٌ ام عبد؟ فذكره. فقال كم سنه؟ فذكره. فقال أين ذهب؟ فأخبره. فقال: كيف هو؟ فأعلمه، فمضي في طلبه ثم عاد و قد أصاب، فدفع اليه شياً صالحاً فاستحسنت هذا منه، رأيته سحراً مليحا، و رأيت منفعة عاجلة، و الظفر به مليحا، و الحكم به مستحسناً. فسألته ان يفيدني بذلك، ففعل فكان بـهذا محرضاً علي طلب هذا العلم و الحرص في بلوغ غايته و الوصول إلي نهايته، فبلغت من ذلك بحسب التوفيق([2]).

قلت: بعيداً عن الخوض في حليته هذا العلم او حرمته التي ذكرها العلماء في كتبهم الفقهية فان الانسان الحاذق حينما يقـراء هذه الكلمات و من ثم ينظر إلي من هم اليوم يدعون بأنهم منجمون يتسائل مع نفسه هل أنا في حلم أم في علم و هل ما ذكر و جاء في تلك الكتب المعتبرة أكان اساطير احلام أم إن المدعون في هذه الايام قد إدعوا ما ليس لهم فيه لاناقة و لاجمل و انما اخذوا الاسم و تاجروا به عند قليلي العلم الايمان.

[1]- رسائل اخوان الصفاء ج 4 ص 353

[2]- رسائل اخوان الصفاء ج 4 ص 397  

 

رجوع